أخبارنا

فرنسا والإسلام عداء متأصل

فرنسا والإسلام عداء متأصل

الوجه المعادي للإسلام الناظر من باريس 

تمارسُ الحكومة الفرنسية منذ زمنٍ حربًا على الرموز الدينية الإسلامية، مُتذرعةً بحماية النظام العلماني والذي أُقر في البلاد منذ العام 1905م.

وفي خضم توجه بلدان القارة الأوروبية، إستيعاب المكون الإسلامي الذي دخلها نتيجة موجات الهجرة القادمة من الشرق الأوسط المُشتعل بالحروب، فإن فرنسا ما فتئت تختارُ طريقًا أكثر تطرفًا في علاقتها مع الإسلام لتُترجم عداواتها للإسلام والمسلمين، الأمر الذي ينفيه المسئولين في البلاد.

وبات الإسلام عدواً للإتجاهات اليسارية واليمينية، على وقع تسلل العلمانية رويداً رويداً إلى المعسكر اليميني، وفي عهد حكومة نيكولا ساركوزي، تبدت أولى مظاهر العداء للإسلام عبر التشريعات المناهضة له والحماية الحكومية للرسوم المسيئة للرسول محمد “ص”، تحت غطاء حرية التعبير.

فيما كشرت باريس عن ناب العداء للمنظمات المجتمعية “المرخصة” والمعنية بالإسلام، في البلاد عقُبَ مقتل الرسام الكاريكاتوري صموئيل باتي العام 2020، والذي قُتل على يد أحد المتعاطفين مع منظمة داعش الإرهابية، الأمر الذي عزز مبررات حكومة إيمانويل ماكروون الإمعان في قمع تلك المنظمات المجتمعية المدنية “المرخصة”.

ماكرون يوظف تعزيز قيم الجمهورية في مهاجمة المسلمين

ويوظف الرئيس الفرنسي الحالي، إيمانويل ماكرون، قانون “تعزيز قيم الجمهورية”، في فرض إجراءات مشددة تجاه المساجد والمدارس والجمعيات الدينية، إلى جانب خلق عقوبات تحت بند “الإنفصالية”، تصلُ حد الحبس 5 سنوات، والتغريم 90 ألف دولار.

وقد نشر عسكريين فرنسيين العام 2021م رسالة مفادها التحذير من إنهيار الجمهورية في مواجهة الخطر الإسلامي المناظر للمبادئ العلمانية في البلاد.

وفي حين لاحقت حكومة ماكرون المتغيبين عن عملهم يوم عيد الفطر الفائت، شرعت وزارة التربية والتعليم الفرنسية بمنع العباءة الإسلامية بحجة عدم إظهار أي فوارق تُظهر الهوية الدينية بيّن الطلبة.

ويعيش على الأراضي الفرنسية حوالي 6 مليون مسلم، تعود جذورهم للمستعمرات التي غادرتها فرنسا القرن المنصرم، وجلبتهم حينها فرنسا للإفادةِ منهم في خدمةِ مصالحها، كما تفعل مع الأحفاد اليوم في مجالات الرياضة والمجالات الأخرى المختلفة.

الجذور التاريخية لظاهرة العداء

ويعود العداء الفرنسي للمسلمين، إلى عهد فتح المسلمين بلاد الأندلس والسنغال-إسبانيا حاليا-، ومحاولاتهم فتح فرنس-بلاد الفرنجية/ الغال أو غالا، بيد أن الملك شارل مارتل نجح في صد الجيوش الأموية في معركة بلاط الشهداء، العام 732م، والتي يعدها الأوروبيين المعركة التي أنقضتهم من التمدد الإسلامي.

إلى ذلك عُدة فرنسا رأس حربة في مُعاداة الإسلام، ومخلصًا للصليبين من التمدد الإسلامي، بيد أن العالم الفرنسي والمتخصص بالعلوم الإجتماعية، غوستاف لوبون، أقر في مؤلف “حضارة العرب”، أن الدور الفرنسي ضخم بشكل مبالغ فيه، بل وأفقد أوروبا التي كانت ترزح تحت التخلف، ربما ستلاقي الإزدهار مُبكراً تحت الحكم الإسلامي الذي جعل من الأندلس مركزاً حضاريًا راقيًا وقتذاك.

وساهمت دولة “جبل القلال” الإسلامية، والتي وجدت على مدى قرنٍ من الزمن، جنوب شرق فرنسا، وإمتد نفوذها إلى سويسرا،  في ترسيخ القدم الإسلامية بالقارة الأوروبية.

ولا زال الفرنسيين يحتفظون ربما في أذهانهم بقصيدة “انشودة رولان”، والتي روت قصة حماية رولان لمؤخرة الجيش الفرنسي السائر نحو الأندلس-إسبانيا بقيادة الملك شارلمان والذي قتل على يد المسلمين والباسكيين.

وبدأت الحركة الإستشراقية على يد الفرنسي سلفستر الثاني، والذي درس في قرطية وإشبيلية، ثم عمل على نشر تدريس اللغة والعلوم العربية في بلاده، العام 1308م، وكان قادة الإستشراق الأوائل من فرنسا.

ويحفظ التاريخ السياسي لفرنسا قيادتها الحروب الصليبية خلال القرنين 11 و13 الميلاديين، والتي لا زالت تذكره فرنسا، وهي التي قادة أوروب نحو التوحد في تلك الحروب.

وشهدت فرنسا العام الجاري، موجة عنف وشغب كادت أن تؤدي بحكومة ماكرون، على خلفية مقتل فتىً من أصول جزائرية، والتي تركت حالة من الشرخ العميق بين مكونات المجتمع الفرنسي.

وتستعر في المرحلة الحالية، موجة ساخطة على الوجود الفرنسي في القارة الأفريقية، والتي بدت جلية خلال موجات الإنقلابات العسكرية، والتي شهدت عدد من البلدان الأفريقية خلال العام الجاري وكان أخرها إنقلاب الغابون قُبيل أسابيع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *